خلال ترؤسها اللقاء التشاوري الأول حول “الإطار الاستراتيجي لحماية الأسرة” مع ممثلي المجتمع المدني
المصلي: الاستثمار في الرأسمال البشري يبدأ من الاستثمار في الأسرة
ترأست السيدة جميلة المصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، أمس الاثنين 21 شتنبر 2020، اللقاء التشاوري الأول عن بعد حول “مشروع الإطار الاستراتيجي لحماية الأسرة” مع ممثلات وممثلي جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال حماية الأسرة.
وبعد عرض “مشروع الإطار الاستراتيجي لحماية الأسرة” الذي قدمه الخبير المغربي الدكتور محسن بنزاكور، عرف اللقاء نقاشا واسعا وعميقا حول مختلف الجوانب التي جاءت في المشروع، بمشاركة جميع المشاركين الذين أجمعوا في تدخلاتهم على أهمية المشروع في حماية الأسرة المغربية، مشيدين بالمنهجية التشاركية التي اعتمدتها الوزارة.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت السيدة الوزيرة أن مسلسل التشاور الذي اختارت الوزارة أن تبدأ اولى حلقاته مع المجتمع المدني، حول موضوع يهم الجميع ويؤرقه، سواء كفاعلين مؤسساتيين، أو كفاعلين مدنيين ، له راهنية وأهمية قصوى.
وأوضحت أن “مشروع الإطار الاستراتيجي لحماية الأسرة” تسعى الوزارة من خلاله لتقديم جواب وطني عن الاشكاليات المرتبطة بالأسرة المغربية، والتحديات الموجودة، لوضع إطار يراعي التحولات التي يعرفها مجتمعنا، والإشكاليات التي ظهرت في الآونة الأخيرة في ظل جائحة كورونا، حيث رجع الجميع إلى الأسرة ولجأ إليها. فالأطفال بعد إغلاق المدارس رجعوا إلى الأسرة، والموظفون رجعوا إلى الأسرة، وغيرهم من مختلف الأعمار. مما يؤكد أهمية هذه الخلية الأساسية في المجتمع وأهمية حمايتها والمحافظة.
وأضافت السيدة المصلي أن هذا الاهتمام بالأسرة يستجيب لما أولاه لها الدستور المغربي من مكانة رفيعة، وعرفها بأنها الخلية الأساسية في المجتمع. ونص على تقديم الحماية والرعاية اللازمتين لها، وهو أيضا ما أكده البرنامج الحكومي 2016-2021.
وقالت السيدة الوزيرة إن إطلاق الوزارة مسلسل التشاور مع الفاعلين والمتدخلين الأساسين في مجال الأسرة حول هذا المشروع، يندرج في إطار حرصها الدائم على المقاربة التشاركية حول كل القضايا التي تتعلق باختصاصاتها، ومن ضمنها قضايا الأسرة. وأشارت إلى أن موضوع الأسرة يحظى من الوزارة باهتمام كبير ينسجم مع الشراكة المتميزة التي تربطها بمختلف جمعيات المجتمع المدني. ويترجم المشروع الحرص على بناء جسر دائم لتعاون فعال يروم تعزيز مكانة الأسرة واستقرارها ومواكبتها للقيام بالأدوار المنوطة بها.
وفتح هذا الورش، تقول السيدة المصلي، يأتي في سياق دولي تعززت فيه المبادرات الدولية المتجهة نحو الأسرة، في ظل تنامي الاهتمام بها، وبربطها بوضع التنمية والرفاه في المجتمعات. مشيرة إلى أن أهداف التنمية المستدامة، التي تعتبر الإطار الأممي الذي يجمع كثيرا من الأهداف المرتبطة بالتنمية الاجتماعية والتنمية المستدامة، تنبهت إلى تعزيز دور الأسرة ورفاهها. كما أن مختلف الوثائق الدولية تشير إلى ضمان احترام حقوق الأسرة، وضمان حمايتها من أي ضائقة اجتماعية، أو اقتصادية، وتحسين خدمات الرعاية، وتعزيز قدراتها لتمكينها من الإسهام في التنمية المستدامة.
وقالت السيدة الوزيرة إنه أمام هذا الوعي الأممي والوطني بتنامي اعتبار الأسرة نواة مهمة وجب تحصينها وحمايتها، لا يمكن تصور تنمية حقيقية في المجتمعات في غياب سياسة موجهة للأسرة تضمن الالتقائية والتضامن بين مختلف المتدخلين.
وأضافت السيدة المصلي أن الاستثمار اليوم في الأسرة هو الحل الأمثل والمناسب للتخفيف من كثير من الضغوطات الاجتماعية التي تعانيها المجتمعات، سواء على المستوى المادي أو على المستوى المعنوي. والاستثمار في الرأسمال البشري- تضيف السيدة الوزيرة، يبدأ من الاستثمار في الأسرة باعتبارها الوحدة التي تجمع مختلف فئات المجتمع، من أشخاص في وضعية إعاقة، وأطفال، ومسنين، ونساء في حاجة إلى رعاية، وغيرهم.
ونبهت السيدة الوزيرة إلى أنه اليوم هناك تحديات لا يمكن أن ننكرها، ولابد أن نعترف أنها بدأت تؤثر على صورة الأسرة داخل المجتمع، وعلى بعض وظائف الأسرة. وهذا الأمر، تضيف السيدة المصلي، يستدعي أن يكون هناك قبل كل شيء وعي بهذا الأمر. وتوضح أن التطور التكنولوجي اليوم بقدر ما هو مهم في كثير من المجالات وله أثره على مستوى الروابط الأسرية، فإن ذلك لا يكون دائما نافعا للأسرة. خاصة ما يتعلق بهذر زمن الأسرة. وقالت إن إعادة الاعتبار لهذه المؤسسة ولوظائفها مهم جدا باعتبار أن الأسرة هي سلطة للتربية والتوجيه، ولتوارث القيم والتقاليد الجيدة داخل المجتمع.
وقالت السيدة الوزيرة إن وزارة التضامن تومن أن إطلاق ” الإطار الاستراتيجي لحماية الأسرة” أمر حيوي. فهو سيمكن من تشخيص وضع الأسرة ومعرفة التحديات الحقيقية التي تواجهها. وهو بذلك يعبر عن إرادة سياسية قوية للنهوض بالأسرة المغربية وحمايتها. ويعكس الارادة الحكيمة والاستباقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في هذا المجال.
وعلى مستوى الأرقام، توضح السيدة الوزيرة، نجد أننا اليوم أمام 7,3 مليون أسرة، وإسقاطات المندوبية السامية للتخطيط، تتوقع بلوغ ذلك العدد 13,7 مليون أسرة في أفق 2030، بتزايد متوسط يقدر بـ 177 ألف أسرة إضافية كل سنة. وهذا يؤكد أن دور هذه الخلية والنواة الأساسية في المجتمع سيتعزز بشكل قوي في المستقبل، مما يتطلب أن نوليها ما تستحق من عناية على مستوى السياسات وعلى مستوى البرامج.
وختمت السيدة الوزيرة كلمتها بالتأكيد على أنه اليوم نطمح إلى أن نضع، بتعاون مع باقي القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية وجمعيات شريكة، إطارا استراتيجيا يمكن من توفير جيل جديد من الخدمات لصالح الأسرة لضمان كرامتها. ونريد لهذا الاطار الاستراتيجي أن يعط الإجابات الوطنية عن كثير من التحديات في إطار رؤية مستقبلية تطمح إلى بناء مجتمع متماسك، وحياة كريمة تليق بكل أبنائه، وأن تصبح الأسرة موضوع كل البرامج والسياسات العمومية في بلدنا، وعلى مستوى برامج التنمية المحلية والجهوية.